هذا هو القاضي عبد الوهاب قطران
يمنات
سامي نعمان
يتعرض القاضي عبد الوهاب قطران لحملة ترهيب وتشهير وقذف وتحريض همجية خبيثة من قبل مجندين حوثيين أنذال في وسائل الإعلام والتواصل.
على الأرض تتعرض أسرته لعملية سطو ونهب لأراضيهم حوالي 70 لبنة نهبت في همدان، والسبب الرئيسي ربما أنه مواقف القاضي المناوئة، إضافة لعدم تحوث أبناء منطقته “وذلك أضعف الإيمان”.
يقول الحوثيون إنهم سيبنون في أرضهم مقرا ثقافيا لجماعة النهب والفيد لإدخال أبناء المنطقة في مسيرتهم المنحرفة وأخذ أبنائهم إلى الجبهات، لانهم “كفار”.
في زمن الحوثي فقط تنهب أرض القاضي وتفرض جبايات غير قانونية على المحامي..
ولمن لا يعرف؛ قطران قاضٍ نزيهٌ ومحترمٌ ومهذبٌ ونبيل، ويحمل صفات إنسانية في غاية السمو.
اعرفه عن قرب وقد سكنا عمارةً واحدة قبل 2011، في حارة الليل بحي 45، وكنا نقضي المقيل معا أحيانا، بيد أننا انقطعنا قسرياً منذ الانتكاسة الوطنية، التي أحلت العنصرية مكان المواطنة، والهمجية البربرية محل الدولة في 21 سبتمبر 2014..
اختلفت مع آرائه كثيراً، دونما صدام، وربما أنه كان مؤيدا للحوثية في إحدى مراحلها حين ظنها البعض ثورة الفقراء، لكني كنت اضحك وأقول “مسكين القاضي ودف به الحوثي وبيرجع يكفّر بنضال طويل ومكلف”، ذلك أني كنت أدرك أنه سيشعر بمسؤولية أكبر تجاه الوضع العام انطلاقاً من سوء تقديره لمواقفه الشخصية السابقة.
كنت على يقين أن قطران لن يصمد طويلاً. وكقاضٍ نزيه سيدرك الحق سريعاً، وسيقوده قدره إلى النضال والمتاعب مجدداً، وسيكون قوياً جلداً كما عرفته.
عرفت قطران قاضياً، قبل أن يترقى إلى رئيس محكمة. كان يسهر الليالي لأسابيع وأشهر وأمامه كومة كتب في القانون، يقرأ في القضايا المعقدة، ويحرص على العدل وحماية حقوق وأرواح الناس واموالهم.
كنت أذهب للعمل يوميا السابعة والنصف صباحا والتقيه احيانا على الذهاب أو العودة.. لفترة لم التقه، فطرقت بابه وسألت عنه، فرد علي بلهجته الهمدانية المميزة “إنا بخير، لكن منهك ما اروح العمل احيانا، أو اروح متأخر وارجع بدري ارقد”.
حين تتعقد عليه قضية بتفاصيلها الشائكة، تشغله حتى لا يستطيع أن يهدأ أو يرتاح أو ينظر في قضايا أخرى، إلا وهو يبحث فيها.
كان يشير إلى رقبته قائلا: أرواح وأملاك الناس وأموالهم ومصالحهم أمانة بذمتي .. اجي أفرط فيها لأني ما قرات نص من سطرين .. لومابش حساب بالدنيا، عاد به حساب في الآخرى…
سأشير هنا إلى إحدى قصصه، إذ ظل يسهر الليل لأسابيع حتى طلوع الفجر وهو يبحث في قضية طالب فقأ عين زميله في المدرسة، ووصلت القضية إليه .. وكقاض نزيه كان يرفض كلما التقيته أن يجيب على اسئلتي في القضية التي أثارت فضولي، كيف ستنظر في القضية وانا صديقه وجاره الودود، فكان يرد “يا استاذ سامي مش وقت الصحافة تتحرى الان .. هذا مش مجبر صحفي .. القاضي لا يقول رأيا .. ولما اصدر الحكم شقولك”.
كنت ازعجه كلما التقيته ممازحا “ايش قررت على العين حق الولد يا قاضي .. قلي أمانة أنا فضولي بس مش طرف ولا اعرفهم .. أو أني بأثر عليك. ابرد لك من هذي النصوص العقيمة..”.
فيرد علي بجدية: ابرد لك انت من حقك الفضول هذا تشتي تدهدهني بالمجبر .. بحجر الله .. والله ما تلاقي مني كلمة لبعد الحكم، لو تكون ما تعرفش اليمن مش الا المتنازعين .. هذي مبادئ وأصول تقاضي مش هي لعبة”..
بعدما صدر الحكم أخبرني أنه حكم بنصف الدية المقرة شرعا تتحملها المدرسة وأسرة الطفل بالمناصفة .. على اعتبار المسؤولية المشتركة بين الطرفين في حادثة ارتكبها قاصر.. أو هكذا مع تفاصيل إضافية.
كان لديه سيارة صغيرة حمراء غير معتادة (اعتقد “ميركوري”) قديمة “منهطلة”، وكان يتركها احيانا لعدم وجود قيمة البترول، حتى الاطارات المقررة للقضاة ذات مرة كان يفترض أن يصرفوا له أربعة فخفضوها إلى اثنين ثم ماطلوا ورفض استلامها، قال: “خليتها لهم.. يشبعوا بها.. وبشتري من راتبي والله ولا اتنازل”.. أقله يا قاضي عادي راجعهم مافيش حاجة الوضع مش تمام فيرد: يا ذاك أنا قاضي مانش موظف .. يدولي حقي لعندي.. والا طز بابوه لقدهو بيفقدني استقلاليتي ونزاهتي”..
في غير مرة وكنا جيراناً سنداً لبعضنا، اسعفته بعدما مرض ورقد في بيته لأيام لا يجد ثمن العلاج، ورغم أن بامكان أسرته وأقاربه إسناده إلا أنه كان لا يطلب من أحد، وكان يعيش على راتبه ولا شيء سواه.. اسعفته واعاد لي المبلغ يوم استلم الراتب..
قطران انسان شهم ونبيل، قاض نزيه، مناضل وطني مخلص، لا تدفعه أي مصلحة لاتخاذ موقف سياسي أو انساني مهما رأيت ذلك الموقف غير منسجم مع صفاته الجزيلة، قطران مناضل شريف ولن يعيش الا كذلك..
وسيلقى ربه، بعد عمر طويل، مناضلا جمهوريا عزيزا كريما وبصفحة بيضاء نقية لا يشوبها شيء من وسخ المصالح، أو محاباة الجريمة والإرهاب والارتداد عن مبادئ الجمهورية وثورة 26 سبتمبر.
هذا هو القاضي عبدالوهاب قطران .. فمن انتم يا من تحملون حملة الافك والبغي والعدوان ضده.
من حائط الكاتب على الفيسبوك